. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخَمْرَ (?). ولأنّه يَعْقِدُ عليها لمَنِ يَعْلَمُ أنّه يُرِيدُها للمَعْصِيَةِ، فأشْبَهَ إِجارَةَ أمَتِه لمَن يَعْلَمُ أنَّه يَسْتَأْجِرُها للزِّنَى بها. والآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بصُوَرٍ كَثِيرَةٍ، فيُخَصُّ منها صُورَةُ النِّزَاعِ بدَلِيينا. وقَوْلُهم: تمَّ البَيْعُ بشُرُوطِه وأرْكانِه. قلنا: لكنْ وُجِدَ المانِعُ منه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّما يَحْرُمُ البَيْعُ إذا عَلِمَ البائِعُ قَصْدَ المُشْتَرِى ذلك، إمّا بقَوْلِه، أو بقَرَائِنَ مُحْتَفَّةٍ به (?) تَدُلُّ عليه. وإنْ كانَ الأَمْرُ مُحْتَمِلًا، كمَن لا يَعْلَمُ حالَه، أو مَن يَعْمَلُ الخَلَّ والخَمْرَ مَعًا، ولم يَلْفِظْ بما يَدُلُّ على إرادَةِ الخَمْرِ، فالبَيْعُ جائِزٌ. فإن باعَهَا لِمَن يَتَّخِذُهَا خَمْرًا، فالبَيْعُ باطِلٌ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ. وهو مَذْهَبُ الشّافِعِىِّ، لأَنَّ المُحَرَّمَ في ذلك اعْتِقادُه بالعَقْدِ دُونَه، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ العَقْدِ، كما لو دَلَّسَ العَيْبَ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ على عَيْنٍ لمَعْصِيَةِ اللَّهِ تعالى بها، فلم يَصِحَّ، كإِجَارَةِ الأَمَةِ للزِّنَى والغِناءِ. وأَمَّا التَّدْلِيسُ فهو المُحَرَّمُ دُونَ العَقْدِ. ولأنَّ التَّحْرِيمَ هنا لِحَقِّ اللَّهِ تعالى، فأفْسَدَ العَقْدَ، كبَيْعِ الرِّبَا، وفارَقَ التَّدْلِيسَ، فإنَّه لِحَقِّ آدَمِىٍّ.
فصل: وهكذا الحُكْمُ في كُلِّ ما قُصِدَ به الحرامُ، كبَيْعِ السِّلاحِ في الفِتْنَةِ، أو لأَهْلِ الحَرْبِ، أو لقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وبَيْعِ الأَمَةِ للغِنَاءِ،