. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ابنُ المُنْذِرِ: هذا حَدِيثٌ ثابتٌ. ولَنا، على أنَّها لا تُسَنُّ، ما روَى أبوِ هُرَيْرةَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ». مُتَّفَقٌ عليه (?). وهذا الحَدِيثُ مُتَأخِّرٌ على الأمْر بها، فيكونُ ناسِخًا، ودَلِيلُ تَأخُّرِه أمْرَانِ؛ أحَدُهُما، أنَّ رَاوِيَه أبو هُرَيْرَةَ، وهو مُتَأَخِّرُ الإِسْلامِ، فإنَّ إسْلَامَه في سَنَةِ فَتْحِ خَيْبَرَ، وهى السَّنَةُ السابِعَةُ مِن الهِجْرَةِ. والثانِى، أنَّ الفَرَعَ والعَتِيرَةَ كان فِعْلُها أمْرًا مُتَقَدِّمًا على الإِسْلامِ، فالظّاهِرُ بَقاؤُهم عليه إلى حينِ نَسْخِه، واسْتِمْرارُ النَّسْخِ مِن غيرِ رَفْعٍ له، ولو قَدَّرْنَا تَقَدُّمَ النَّهْى عن الأمْرِ بها، لكانت قد نُسِخَتْ، ثم نُسِخَ ناسِخُها، وهذا خِلافُ الظاهِرِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ المُرادَ بالخَبَرِ نَفْىُ كَوْنِها سُنَّةً، لا تَحْرِيمُ فِعلِها، ولا كَرَاهَتُه، فلو ذَبَحَ إنْسانٌ ذَبِيحَةً في رَجَبٍ، أو ذَبَح وَلَدَ الناقةِ؛ لحاجَتِه إلى ذلك، أو للصَّدَقَةِ به وإطْعامِه، لم يَكُنْ ذلك مَكْرُوهًا. واللَّه تَعالى أعلمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015