. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الاعْتِكافُ في غيرِ مَسْجِدٍ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا بينَ أهْلِ العلمِ؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (?). فخَصَّها بذلك، ولو صَحَّ الاعْتِكافُ في غيرِها، لم يَخْتَصَّ بتَحْرِيمِ المُباشَرَةِ فيها؛ فإنَّ المُباشَرَةَ مُحَرَّمَةٌ في الاعْتِكافِ مُطْلَقًا. وفي حَدِيثِ عائِشَةَ، قالت: إن كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ليُدْخِلُ إِلىَّ رَأْسَه وهو في المَسْجِدِ، فأُرَجِّلُه، وكان لا يَدْخُلُ البَيْتَ إلَّا لحاجَةٍ إذا كان مُعْتَكِفًا (?). وقَوْلُه: إلَّا في مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فيه. أي تُقامُ فيه الجَماعَةُ. وإنَّما اشْتَرَطَ ذلك؛ لأنَّ الجَماعَةَ واجِبَةٌ، فاعْتِكافُ الرجلِ في مَسْجِدٍ لا تُقامُ فيه يُفْضِى إلى أحَدِ أمْرَيْن؛ إمّا تَرْكُ الجَماعَةِ الواجِبَةِ، وإمّا خُرُوجُه إليها، فيَتَكَرَّرُ ذلك منه كَثِيرًا، مع إمْكانِ التَّحَرُّزِ منه، وذلك مُنافٍ للاعْتِكافِ، إذ هو لُزُومُ الإِقامَةِ في المَسْجِدِ على طاعَةِ اللهِ. فعلى هذا يجوزُ الاعْتِكافُ في كلِّ مَسْجِدٍ تُقامُ فيه الجَماعَةُ. ورُوِىَ عن حُذَيْفَةَ، وعائِشَةَ، والزُّهْرِىِّ، ما يَدُلُّ على هذا. واعْتَكَفَ أبو قِلابَةَ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ في مَسْجِدِ حَيِّهما. ورُوِىَ عن عائِشَةَ، والزُّهْرِىِّ، أنَّه لا يَصِحُّ إلَّا في مَساجِدِ الجماعاتِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015