فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أَنْ يَشْهَدَ الْفَاسِقُ بِشَهَادَةٍ، فَتُرَدَّ، ثُمَّ يَتُوبَ، فَيُعِيدَهَا، فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِلتُّهْمَةِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فصل: قال، رَحِمَه اللهُ: (الخامسُ، أن يَشْهَدَ الفاسِقُ بشَهادةٍ، فتُرَدَّ، ثم يتُوبَ، فَيُعيدَها، فإنَّها لا تُقبَلُ للتُّهْمَةِ) وبهذا قال الشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ، والمُزَنِيُّ، وداودُ: تُقْبَلُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: والنَّظَرُ يدُلُّ على هذا؛ لأنَّها شَهادةُ عَدْلٍ (?) تُقْبَلُ في غيرِ هذه الشَّهادةِ، فقُبِلَتْ فيها، قِياسًا على غيرِها، وكما لو شَهِدَ وهو كافرٌ، فرُدَّتْ شَهادتُه، ثم شَهِدَ بها بعدَ إسلامِه. ولَنا، أنَّه مُتَّهَمٌ في أدائِها؛ لأنَّه يُعَيَّرُ برَدِّها، وتَلْحَقُه غَضاضَةٌ؛ لكَوْنِها رُدَّتْ بسَببِ نقْصٍ يتَعَيَّرُ به، وصلاحُ حالِه بعدَ ذلك مِن فِعْلِه يَزُولُ به العارُ، فتَلْحَقُه التُّهْمَةُ في أنَّه قَصَدَ إظْهارَ العَدالةِ، وإعادةَ الشَّهادةِ لتُقْبَلَ، فيزولُ ما حصَلَ برَدِّها، ولأنَّ الفِسْقَ يَخْفَى، فيُحْتاجُ في مَعْرِفَتِه إلى بَحْثٍ واجْتِهادٍ، فعندَ ذلك نقولُ: شَهادتُه مَرْدودةٌ بالاجْتِهادِ، فلا تُقْبَلُ بالاجْتِهادِ؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّى إلى نَقْضِ الاجْتِهادِ بالاجْتِهادِ. وفارَقَ ما إذا رَدَّ شهادةَ كافرٍ لكُفْرِه، أو صَبِيٍّ لصِغَرِه، أو عبدٍ لرِقِّه، ثم أسلمَ الكافِرُ، وبلَغَ الصَّبِيُّ، وعَتَقَ العبدُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015