. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التَّحْريمِ. وقد رُوِيَ أنَّ عليًّا، رَضِيَ اللهُ عنه، يومَ الجَملِ، قال: مَن عَرَفَ شيئًا مِن مالِه مع أحدٍ، فَلْيَأْخُذْه. وكان بعضُ أصحابِ عليٍّ قد أخَذَ قِدْرًا وهو يَطْبُخُ فيها، فجاءَ صاحِبُها ليأخُذَها، فسَأله الذي يَطْبُخُ فيها إمْهَاله حتى يَنْضَجَ الطَّبيخُ، فأبَى، وكَبَّه، وأخَذَها (?). وهذا من جُمْلَةِ ما نَقَم الخوارجُ من عليٍّ، فإنَّهم قالوا: إنَّه قاتَلَ ولم يَسْبِ ولم يَغْنَمْ. فإن حَلَّتْ له دِماؤُهم، فقد حَلَّتْ له أمْوالُهم، وإن حَرُمَتْ عليه أموالُهم، فقد حَرُمَتْ عليه دِماؤُهم. فقال لهم ابنُ عباس: أفَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها، أم تَسْتَحِلُّون منها ما تَسْتَحِلُّونَ من غيرِها؟ فإنْ قُلْتُمْ: ليست أُمَّكم. كَفَرْتُم، وإن قُلْتُمْ: إنَّها أُمُّكُم. واسْتَحْلَلْتُمْ سَبْيَها، فقد كَفَرْتُمْ (?). يَعْني بقَوْلِه: إنَّكُم إن جَحَدْتُم أنَّها أُمُّكُم، فقد قال اللهُ تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (?). فإن لم تَكُنْ أمًّا لكم، لم تَكُونوا مِن المُؤْمنِين. ولأنَّ قِتال البُغاةِ إنَّما هو كَدَفْعِهِم ورَدِّهم إلى الحَق، لا لكُفْرِهم، فلا يُسْتَباحُ منهم إلَّا ما حَصَل ضَرُورةَ الدَّفْعِ، كالصَّائلِ، وقاطِعِ الطَّرِيقِ، ويَبْقَى حُكْمُ المالِ والذُّرِّيَّةِ على أصْلِ العِصْمَةِ، وما أُخِذَ من سلاحِهِم، وكُراعِهِم، لم يُرَدَّ إليهم حال