. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ، وأصحابِ الرَّأْى؛ لِما رَوَينا في قِصَّةِ ماعِزٍ، أنَّه لمَّا أقَرَّ عندَ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالزِّنَى، فقال: «أَنِكْتَهَا؟». فقال: نعم. قال: «حَتَّى غَابَ ذَاكَ مِنْكَ فِى ذَاكَ مِنْهَا، كما يَغِيبُ المِرْوَدُ في المُكْحُلَةِ، والرِّشَاءُ فِى البِئْرِ؟». قال: نعم (?). وإذا اعْتُبِرَ التَّصرِيحُ في الإِقْرارِ، كان اعْتِبارُه في الشَّهادة أوْلَى. وروَى أبو داودَ (?) بإسْنادِه، عن جابرٍ، قال: جاءتِ اليهودُ برجُلٍ منهم وامرأةٍ زَنَيَا، فقال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «ائْتُونِى بأعْلَمٍ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ». فأتَوْه بابْنَى صُوريا، فنَشَدَهما: «كَيْفَ تَجِدَانِ أمْرَ هذيْنِ فِى التَّوْرَاةِ؟». [قالوا: نَجِدُ في التوراةِ] (?) إذا شَهِدَ أرْبعةٌ أنَّهم رَاوا ذَكَرَه في فَرْجِها، مثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ، رُجِما. قال: «فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا؟» قالا: ذهَبَ سُلْطَانُنا، وكَرِهْنا القتْلَ. فدَعا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشُّهودِ، فجاءَ أربعة، فشَهِدُوا أنَّهم رَأَوْا ذَكَرَه في فَرْجِها مثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ، فأمَرَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- برَجْمِهِما. ولأنَّهم إذا لم يَصِفُوا الزِّنَى، احْتَملَ أن يكونَ المَشْهُودُ به لا يُوجِبُ الحَدَّ فاعْتُبرَ كَشْفُه. قال بعضُ أهلِ العلمِ: يجوزُ للشُّهودِ أن يَنْظُرُوا إلى ذلك منهما، لإِقامةِ الشَّهادَةِ عليهما ليَحصُلَ الرَّدْعُ بالحَدِّ، فإن شَهِدُوا أنَّهم رَأَوْا ذَكَرَه قد غَيَبّهَ في فَرْجِها كَفَى، والتَّشْبِيهُ تَأْكيدٌ.