. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما رُوِى عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قَضَى في الدِّيَةِ أن لا يُحْمَلَ منها شئٌ حتى تَبْلُغَ عَقْلَ المأْمُومَةِ. ولأَنَّ مُقْتَضَى الأَصْلِ وُجُوبُ الضَّمانِ على الجانِى؛ لأنَّه مُو جَبُ جِنايَتِه، وبَدَلُ مُتْلَفِه، فكانَ عليه، كسائرِ الجِناياتِ والمُتْلَفاتِ، وإنَّما خُولِفَ في الثُّلُثِ تَخْفِيفًا عن الجانِى، لكَوْنِه كثيرًا يُجْحِفُ به، قال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «الثُّلُثُ كَثِيرٌ» (?). ففِيما دُونَه يَبْقَى على قَضِيَّةِ الأَصْلِ ومُقْتَضَى الدَّليلِ، وهذا حُجَّةٌ على الزُّهْرِىِّ؛ لأَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَعَلَ الثُّلُثَ كثيرًا، فأمَّا دِيَةُ الجَنِينِ، فلا تَحْمِلُها العاقلةُ إلَّا إذا ماتَ مع اُّمِّه مِن الضَّرْبةِ؛ لكَوْنِ دِيَتِهما جميعًا مُوجَبَ جِنايةٍ تَزِيدُ على الثُّلُثِ، وإن سَلَّمْنا وُجُوبَها على العاقِلَةِ، فلأنَّها دِيةُ آدَمِى كاملةٌ.