وقد استحب للمملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه مقدما للأعلى إسنادا أو الأولى من وجه آخر ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه فإنه أحسن وأليق وينتقي ما يمليه1 ويتحرى المستفاد منه وينبه على ما فيه من فائدة وعلو وفضيلة ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه.
وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم الإملاء بشئ من الحكايات والنوادر والإنشادات بأسانيدها وذلك حسن2.
وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حفاظ وقته فخرج له فلا بأس بذلك قال: الخطيب كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك.
وإذا نجز3 الإملاء فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه.
هذه عيون من آداب المحدث اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها أو هو ظاهر ليس من مشتبهاتها4. انتهى.
قوله فليقدم تصحيح النية وإخلاصها أي للحديث الصحيح "إنما الأعمال بالنيات".
وقال سفيان الثوري قلت لحبيب بن أبي ثابت حدثنا قال: حتى تجئ النية وقيل لأبي الأحوص سلام بن سليم حدثنا فقال ليست لي نية فقالوا له إنك تؤجر فقال5:
تمنوني الخير الكثير وليتني ... نجوت كفافا لا علي ولا ليا