القوانين الوضعية، وقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص:
ذكر فقهاء القانون أن هذه القاعدة عرفها القانون الروماني، ونص عليها العهد الأعظم الذي منحه أحد ملوك إنجلترا لرعاياه سنة 1915م في المادة 39 من هذه العهد1، ولكنه لم يكن مبدأ ملزمًا.
فقد كان قضاة القوانين الوضعية يجرمون ما يشاءون من الأفعال، ويعاقبون بأي عقوبة يرونها دون قيد أو شرط2.
كما تدخلت عوامل عدة بالنسبة للأشخاص والأفعال، والعقوبات التي أن كان القرن الثامن عشر، الذي تعالت فيه صيحات الفلاسفة والمصلحين، مطالبة بوضع ضوابط للقضاء، والتنديد بهذه الفوضى في التجريم والعقاب، ولكنهم لم يقترحوا حلا إيجابيًا لتحقيق العدالة، وبناء الإصلاح القضائي، حتى قام المحامي الإيطالي "بيكاريا" بنشر مقترحاته البناءة لإصلاح القضاء في كتابه المشهور عن الجرائم والعقوبات، والذي أخرجه سنة 1764م، والذي اعتبر بسببه الأب الروحي لعلماء القانون الجنائي3، ثم ظهر هذا المبدأ -لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص- في إعلان حقوق الإنسان سنة 1774م، ولم تتم صياغته الواضحة المحددوة إلا في المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان4، الذي أصدره رجال الثورة الفرنسية سنة 1789م -هذه لمحة موجزة عن قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في كل من الشريعة والقانون، ومنها يظهر: