ولو كان الأمر، كما رأى أصحاب هذا الرأي، الذي يسقط الحدود بالتقادم لسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من جاءه معترفًا بالزنا متى زنيت لجواز أن يكون إقراره بزنا قديم، لكنه لم يسأله، وليست هناك قرينة تدل على حداثة الواقعة كما أن هذا المقر لا يشك أحد في توبته؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أن توبته لو تابها أهل مكس1 لغفر لهم، ومع ذلك أقيم عليه الحد هذا هو أثر التقادم في الإقرار بالجناية الحدية المتقادمة.

أما إقامة دعوى بالجناية المتقادمة، وإثبات هذه الجناية الحدية، عن طريق البينة، فللفقهاء فيها آراء.

1- يرى فقهاء الأحناف، وابن أبي ليلى القول بعدم سماع شهادة على جريمة حدية قيدمة، وقع الاعتداء فيها على حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، وذلك؛ لأن الشهادة بهذه الجرائم تؤدي حسبة، ولا يلزم أن يسبقها دعوى من أحد، فإذا تأخر الشهود من غير عذر مقبول، حامت الشبهات حول شهادتهم، وشهادة مثل هذه لا يثبت بها حد من حدود الله سبحانه وتعالى2.

أما الجرائم الحدية القديمة التي تتعلق بحق العبد، فإن الشهادة تسمح فيها وتثبت الجناية بها، ويلزم الجاني بما يترتب على جناية.

وذلك مبني على أساس أن مثل هذه الجرائم يلزم أن تقام الدعوى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015