وذهب الإمام أبو حنيفة، ومن وافقهما إلى أنه لا قطع على النباش، واستدلوا لذلك بما روي من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "لا قطع على المختفي" 1، والمختفي هو النباش في عرف أهل المدينة.

وروي عن الزهري2 قال: أخذ نباش في زمن معاوية، وكان مروان على المدينة، "فسأل من بحضرته من الصحابة والفقهاء، فأجمع رأيهم على أن يضرب ويطاف به"3.

ومبني ذلك عند أبي حنيفة ومن وافقه، أن القبر ليس بحرز؛ لأنه حفره في الصحراء مأذون للعموم من المرور به ليلًا ونهارًا، ولا غلق عليه ولا حارس منصد لحفظه، فلم يبق إلا مجرد دعوى أنه حرز تسمية ادعائية بلا معنى، ولا يترك ذلك عن أن يكون في حرزيته شبهة، وبه ينتفي القطع، وهذه هي الشبهة الأولى عند أبي حنيفة ومن وافقه، وهي من الشبهات التي تتصل بالركن الشرعي للجريمة.

أما الشبهة الثانية عند أبي حنيفة، فهي في كون الكفن مملوكًا لأحد، فالإمام أبو حنيفة يرى أن الكفن مملوك لأحد، لا للميت؛ لأنه ليس أهلًا للملك، ولا للوارث؛ لأنه لا يملك من التركة لا ما يفضل عن حاجة الميت، فإن صح أنه لا ملك فيه لأحد فلا قطع بسرقته، وإلا فتحققت شبهة في مملوكيته بما ذهب إليه الإمام، ويتحققها لا قطع به أيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015