أما من لم يعلم فلا حد عليه، يقول ابن الهمام مبينا ذلك: "ومن زفت أي بعثت إليه غير امرأته، وقال النساء: هي زوجتك، فوطئها لا حد عليه وعليه المهر: قضى بذلك علي -رضي الله عنه- وبالعدة؛ ولأنه اعتمد دليلًا، وهو الإخبار في موضع الاشتباه، لذ الإنسان لا يميز بين امرأته، وبين غيرها في أول الوهلة، وهذه إجماعية لا يعلم فيها خلاف"1.

2- رجل وجد امرأة في فراشه، فظنها زوجته، لتماثل أوصافهما من حيث الصغر أو الكبر وما إلى ذلك، فلا حد عليه عند الجمهور اعتمادًا على وجودها في فراشه الذي هو قرينة الزوجية، مع وجود هذا التماثل في الأوصاف بينهما، وعدم علمه أن أحدًا في منزله غير زوجته، ولم يبد له منها ما يعرف به حقيقتها، فوجود هذا الظن المبني على الملابسات القوية، والقرائن المصاحبة قد نتج عنه انتفاء القصد الجنائي لدى الفاعل.

يقول ابن قدامة عند حديثه، عما ينتفي به القصد الجنائي، ولا يجب به حد: "أو وجد على فراشه امرأة ظنها امرأته، أو جاريته فوطئها، أو دعا زوجته أو جاريته، فجاءته غيرها فظنها المدعوة فوطئها، أو اشتبه عليه ذلك لعماه، فلا حد عليه، "ويعلق ابن قدامة على ذلك بقوله": ولنا أنه وطء اعتقد إباحته بما يعذر مثله فيه، فأشبه ولو قيل له: هذه زوجتك؛ ولأن الحدود تدرأ بالشبهات وهذه من أعظمها"2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015