بشبهة، وإنما هو الحق لله تعالى ولا مزيد، فإن لم يثبت الحد لم يحل أن يقام بشبهة1.
كما قرر ابن حزم أن الحد لا يقام على شارب الخمر إن أكره على شربها، أو اضطر إليها لعطش، أو علاج أو لدفع ضيق، أو جهلها2، ومن هذا يبين أن من تقيأها، أو شمت رائحتها من فيه لا تكفي هذه القرينة في إقامة الحد عليه لجواز أن يكون لسبب من الأسباب المذكورة.
هذا هو رأي جمهور الفقهاء، الذي يقرر عدم إثبات حد من الحدود بقرينة من القرائن؛ لأن القرينة لا تفيد إثبات الفعل المؤثم بالطريق الذي يجرمه الشرع، كما أنها دليل لا يخلو عن شبهة، والحدود كما تدرء بالشبهات، فإنها لا تثبت مع وجودها، ولا بدليل يحتملها، ولا يفيد القطع واليقين.
الرأي الثاني:
إعمال القرائن في إثبات الحدود؛ لأن القرائن عند أصحاب هذا الرأي أقوى من البينة، والإقرار إذ أنهما خبران يتطرق إليهما الصدق، والكذب، أما القرينة عندهم فهي دلالة صادقة، ولا يتطرق إليها احتمال الكذب، أو الشبهة في الغالب.
هذا ما ذهب إليه الإمام مالك، وابن قيم الجوزية، واستدل للاعتداد بالقرائن والحكم بمقتضاها بأدلة منها:
1 قول الشاهد الذي ذكر الله شهادته، ولم ينكر عليه، ولم يعبه بل حكاها مقررًا لها، فقال تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي