من هذا يبين رجحان ما ذهب إليه فقهاء الشريعة، إذ هم لم يعلموا الإقرار بصفة عامة أيا كان هذا الإقرار، كما أنهم لم يتركوا أعماله، والأخذ به إذا لم يرافقه ما يؤكده، ويثبت صحته من أدلة ووقائع، وإنما وضعوا ضوابط، ومقاييس ونظم أصابوا بها قصب السبق، وحسموا بها القضية إذ كيف يمكن أن يقال أن الجاني الذي ارتكب جنايته ولم يره أحد، إذا راجعه ضميره وأراد تطهير نفسه، فذهب وأقر بما ارتكب، فإنه لا يعول على هذا الإقرار، ولا يعتد به في إثبات ما جاء من وقائع نظرًا؛ لأن هذه الوقائع لم تقم بها دعوى على المقر.
وأكثر من ذلك إذا أقيمت الدعوى، وأقر الجاني بما ارتكب من الوقائع التي هي موضوع الدعوى، ولم يكن هناك دليل غير إقراره، فإنه لا يعتد أيضًا بهذا الإقرار وحده في إثبات ارتكاب الجاني هذه الوقائع، والتي أقر بها على نفسه1.
إن هذا القول يفتح باب الإفلات من العقوبة على مصراعيه، وتصبح معه رقابة الضمير التي هي من أهم ضمانات استقرار الحياة