سوى الحكم بعقوبتها، وإنفاذها على الجاني عملًا بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "تخافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب"، كما بين ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إنما أهلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفس محمد بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها" 1، فقد أفاد الحديث بجانب التسوية بين الناس "الزام السارق الحد"، فالسيدة فاطمة -رضي الله تعالى عنها-، وهي من أشراف القوم وسادتهم بين -صلى الله عليه وسلم- أنه لو كان منها هذه الجناية الحدية لإلزمها العقوبة، وأقامها عليها، ولم يكن له وهو النبي الموحي إليه بالشرع أن يعفي أحب الناس إليه من العقوبة الحدية إذا لزمتها.

أما فقهاء الشيعة الزيدية، فقد أجازوا للإمام إسقاط الحدود عن بعض الناس إذا كان ذلك لمصلحة.

وله أيضا تأخيرها إلى وقت آخر لمصلحة، كما أجاز بعضهم للإمام إسقاط القصاص إذا كان فيه مصلحة2.

والقائلون بذلك لم يقدموا دليلًا على ما ذهبوا إليه سوى ما ساقوه من أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخر قتل بني قينقاع حين طلب ذلك منه عبد الله بن أبي أكثر من مرة.

ودليلهم هذا وإن صلح الاستدلال به على جواز تأخير إقامة الحد لمصلحة ما -وهذه قضية لا خلاف عليها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخر إقامة بعض الحدود لظروف خاصة بمن سيقام عليها الحد-3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015