يعد للمقذوف حق حينئذ، وبين القائلون بعدم قيام أثر للعفو رأيهم بقولهم: إن حقوق العباد بطريق المماثلة، إما صورة ومعنى، وإما معنى لا صورة؛ لأنها تجب بمقابلة المحل جبرًا، والجبر لا يحصل إلا بالمثل ولا مماثلة بين الحد والقذف لا صورة ولا معنى، فلا يكون حقه ولا ينفي كونه حقًا لله تعالى اشتراط الدعوى من المقذوف1.

والذي أميل إليه أنه إذا كان إثبات الجريمة بالبينة، وقد حكم القاضي بالعقوبة الحدية، فلا أثر لعفو المقذوف حينئذ، لكون الحق أصبح لله تعالى خالصًا أما إذا كان عفو المقذوف قبل حكم القاضي بالعقوبة الحدية، فإن ذلك العفو ينتج أثره، ولا يلزم الجاني بالعقوبة الحدية، نظرًا لانعدام المطالبة وطلبًا للستر على المقذوف؛ لأن في إنقاذ الحد على القاذف زيادة أعلام بما كان منه من قذف، وهو أمر مطلوب دفعه، ومنعه وإزالته، أما جرائم القصاص فإن العفو فيها ممكن، سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها قبل صدور الحكم، أو بعد صدوره؛ لأن الحق الغالب هنا هو حق العبد2.

أما بالنسبة لأثر العفو في جريمة السرقة، فإن ما رود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أفاد جواز عفو المسروق منه عن السارق قبل رفع الأمر إلى القاضي، أما بعد رفع الأمر للقاضي، فلا أثر للعفو حينئذ، لما روي من أن رجلًا جاء

بسارق ردائه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمر النبي بالسارق أن يقطع، فقال من جاء به: لم أرد هذا، ردائي عليه صدقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "فهلا قبل أن تأتيني"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015