وقد ذكر البعض أن ذلك يرجع إلى أن فكرة الشبهة فكرة نسبية، وأن المرجع فيها في أغلب الأحيان إلى اجتهاد الحاكم، فهي تختلف باختلاف الحدود والزمان والأحوال، وبذلك انصرف الفقهاء عن تقسيمها، وبيان أنواعها واكتفوا بالتصدي لها واحدة بعد الأخرى، كلما اقتضى الأمر1.
وقد رد على هذا العليل، بأن المتأمل في الشبهات التي عددها الفقهاء، لا يتردد في رفض دعوى نسبيتها، فهي ليست أمور قلقة متغيرة، ولا هي أحاد شاردة تفتقر إلى ما يربط بينها، بل إنها -أيا ما كان الرأي في بعضها قابلة للتصنيف والتقسيم2، كما أنه قد خفي على من ادعى نسبية الشبهات، أن أحكام الشريعة في مسائل الحدود أحكام ثابتة لا تقبل هذه الدعوى بالنسبية، ومثلها في ثباتها هذا كل ما اتصل بها، وإذا كان المدعي للنسبية بنى دعواه هذه في إرجاعه والشبهة إلى اجتهاد الحاكم، على ما وقع من مسائل، وقضايا في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، كما حدث في عام المجاعة، وما ماثل ذلك.
فإن الفرق واضح بين كل ما كان من عمر -رضي الله عنه، وبين ما تحتمله هذه النسبية التي يتحدث عنها، وما قد تنطوي عليه، فعمر -رضي الله تعالى عنه، وضع مبدأ وطبقه على الجميع، وتوخى فيه إرضاء الله، والعمل بروح الشريعة، ولم تستهدف من ذلك إرضاء أحد، أو مجاملة فرد، أو إسقاط الحد عن قريب، أو شريف أو صاحب جاه، أو سلطان