وغير خاف أنه ما دام اللأمر بهذه الصورة من الحساب والعقاب، فإنه لا بد منتج أعظم الأثر في إبعاد من تسول له نفسه الاقتراب من الجريمة خصوصًا، وأن التشريع الإسلامي قد مد يده للإنسان من بداية الطريق وحذره، وباعد بينه وبين المعصية: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} 1.
{وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} 2، نهي حتى عن مجرد الاقتراب. وهذا النهي إن امتثله الإنسان، باعد بينه وبين الجريمة، وما يتبعها من عقوبة، وليس ذلك فقط فهذا قد يشاركه فيه النظام العقابي الوضعي من قريب أو بعيد، لكن التشريع الإسلامي ينفرد بأنه يطي الإنسان على مجرد الامتثال والابتعاد عن الشر، أعظم جائزة تفرح بها نفسه ويجني ثمارها، ألا وهي الجنة الواسعة.
وعلى العكس منه من انساق وراء الشر، ووقع في الجريمة: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} 3.
وتفسير ذلك أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدًا جعال الله جزاءه جهنم، وغضب عليه ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا، ومن لم يقتل نفسًا، فكأنه قد أحيا الناس جميعًا، نظرا؛ لأنه صان حرمتها واستحياها خوفا من الله سبحانه وتعالى4.
هذه هي طبيعة الجزاء الديني عقابًا على الفعل، ومثوبة على الانقياد، والترك أما العقاب الوضعي، فإنه وإن عاقب على الفعل، إلا أنه لا يثيت