هذه صورة رسمتها الشريعة، وبينتها بيانًا يحقق الحفظ والصيانة، فستر الجسد يحفظ على المرأة دينها، ولا يعرضها للإيذاء.

وفي غض البصر صيانة ووقاية؛ لأن البصر رائدة الشهوة، ورسولها وحفظه أصل حفظ الفرج، فمن أطلق بصره أورده نفسه موارد الهلكات.

فالنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فالنظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثقم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جارفة، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع، وفي هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده1 بمثل هذا حاول التشريع الإسلامي الحيلولة بين الإنسان، وبين الوقوع في جريمة الزنا، وصدق الله العظيم الذي قال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} 2، فالنهي عن الاقتراب نهي عما يؤدي إلى الجريمة3.

ثم وضع من العقاب عليها ما يزجر ويردع، من وقع فيها أو من تسول له نفسه الاقتراب منها.

وحماية للإنسان وصونا لعرضه، أحاد المشرع هذه العقوبة الرادعة الزاجرة بأسوار وحواجز، وأقام على جانبي الطريق الموصل اليها حصونا يمكن أن يحتمي بها الجاني صونا لنفسه، وسترا لعرضه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015