وإنما أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم، فمن فعل به شيئًا سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفس عمر بيده إذن لأقصنه منه، وكيف لا أقص منه: وقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقص من نفسه1.
وهكذا يسوي الإسلام بين الحاكم والمحكوم، ويشترط في الحاكم شروطًا لا بد من أن تتوفر في سلوكه حتى يكون أهلًا لتولي سلطة حكم الدولة الإسلامية.
وقد رأى بعض فقهاء الشريعة عزل رئيس الدولة إذا ارتكب منكرًا، أو أقدم على فعل محظور، وتحكمت فيه شهوته، وتسلط عليه هواه؛ لأن من كان هذا حخاله عد من الفساق، ولا تنعقد له إمامة المسلمين، ويعزل منها إن كان قد وليها2.
أما موقف فقهاء الشريعة الإسلامية في سريان النص الجنائي على الأشخاص، فيمكن إجماله في اتجاهين متقاربين.
الاتجاه الأول: يرى الإمام الشافعي، والإمام مالك تطبيق النص الجنائي على الجميع، الحاكم والمحكوم، لا يعفي أحد من انطباق النص الجنائي عليه مهما كان وضعه وسلطانه، وعند أصحاب هذا الاتجاه رئيس الدولة، "الإمام" مسئول عن كل ما يأتيه من جرائم، سواء وقع الاعتداء فيها على حق الله، أم على حق العبد، ويقوم بتنفيذ العقوبة على الإمام من ينوب عنه في القضاء، أو في تنفيذ العقوبات3.