وليس معنى هذا أن يترك المستأمن يفلت من الالتزام بضمان ما أتلفه، وإنما عليه ضمانه لا على سبيل العقوبة، وإنما على سبيل التعويض1.
ويتفق هذه الاتجاه، وما يطبقه فقهاء القانون من مبدأ الإقليمية، والذي يعني أن يطبق القانون الجنائي للدولة على كل ما يقع على إقليمها من جنايات، وغيرها، وعدم تطبيق هذا القانون خارج إقليم الدولة2.
غير أن هذا الإتجاه الأول لفقهاء الشريعة يرى بعض القائلين به عدم معاقبة من لا يقيم إقامة دائمة بالدولة الإسلامية، على ما يأتيه من جرائم يقع الاعتداء فيها على حق خالص، أو غالب لله سبحانه وتعالى.
تقييم الاتجاه الأول لفقهاء الشريعة:
راعى الإمام الأعظم أبو حنيفة، ومن وافقه في أخذهم بهذا الاتجاه الحرية الشخصية للأفراد إلى حد كبير، وقد راقت هذه المراعاة كثيرين من فقهاء القانون الوضعي، فنسجوا على منوالها.
غير أن الاتجاه قد فتح الباب على مصراعيه أمام الدولة الإسلامية، إذا ذهبوا إلى دولة أخرى، فإن كثيرين منهم يعبون الجرائم في نهم، وينتهكون الحرمات، لأمنهم حينئذ وبعدهم عن تطبيق عقوبات ما تردوا فيه من جرائم عليهم. وذلك وآثاره ليس يخاف على أحد.