حالة التسليم بصحة صدورها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فماذا تقدمت معهم خطوة أخرى فقلت لهم: وما دليلكم على أن القرآن وحده يغني المسلمين عن السنة؟

اسمعوك - بسرعة - قول الله - عز وجل -:

{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] .

ثم قوله تعالى مع شدة الحرص والتركيز عليه:

{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51]

وليس لهم بعد هاتين الآيتين من دليل.

تفنيد هذه الشبهة ونقضها:

ونقض هذه الشبهة يسير، وهو يقوم على محورين:

الأول: بيان خطأ الاستدلال بالآيتين على ما أرادوه منهما.

الثاني: الواقع العملي في حياة المسلمين على مر العصور، وتطاول الدهور.

إن الاستدلال بالآية الأولى خطأ، لأن المراد من الكتاب فيها هو اللوح المحفوظ، فهو الكتاب أحصى الله فيه ما كان، وما هو كائن، وما سيكون أبد الآبدين.

قال - عز وجل - في سورة "يونس":

{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61] .

ولهذه الآية نظائر. فإذا كان المراد من الآية هو اللوح المحفوظ، وهو ما ذهب إليه المحققون من أهل العلم سقط استدلالهم بالآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015