وهذا الذي قالوه خطأ؛ فإن المعلوم من عادة العرب: أنها لا تضع هذا لنفي الذات في كل مكان؛ وإنما تورده مبالغة فيذكر الذات ليحصل لها ما أرادت من المبالغة.

وقال آخرون: بل يحمل على نفي الذات وسائر أحكامها، ويخص الذات بالدليل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكذب.

وقال قوم: لم تقصد العرب إلى نفي الذات، ولكن لنفي أحكامها ومن أحكامها الكمال والإجزاء، فيحمل اللفظ على العموم منها.

وأنكر هذا بعض المحققين؛ لأن العموم لا يصح دعواه فيما يتنافى، ولا شك أن نفي الكمال يشعر بحصول الإجزاء، فإذا قُدِّر الإجزاء منتفيًا بحق العموم، قُدِّر ثابتًا بحق إشعار نفي الكمال بثبوته، وهذا يتناقض وما يتناقض لا يحمل الكلام عليه.

وصار المحققون إلى التوقف بين نفي الإجزاء ونفي الكمال، وادعوا الاحتمال من هذه الجهة، لا مما قاله الأولون.

فعلى هذه المذاهب يخرج قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015