ذلك في مثل مكة من البلاد التي تجتاز الشمس برؤوس أهلها؛ ولا يبقى حينئذ لشيء من الأشخاص ظل عند كون الشمس في خط نصف النهار، وهو ما تسامت الرؤوس من السماء، فإذا زالت الشمس ظهر للشخص القائم ظل من جهة الشمال، فأما ما عدا هذا الحد من البلاد مما لا يجتاز الشمس برؤوس أهله؛ فإن الظل من جهة الشمال لا ينعدم؛ بل يقل ويكثر بأحد أمرين.
إما ببعد تلك البلدة من معدل النهار من جهة الشمال وإما بانحطاط الشمس إلى البروج الجنوبية.
فإن الظل يكثر في جهة الشمال بكل واحد من هذين الأمرين وبهما جميعًا، فإنهما يجتمعان لبعض البلاد دون البعض.
ورسول اللِّه - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر عن صلاة جبريل -عليه السلام- وذلك بمكة هذا حكمها في هذا الظل عند الزوال؛ وذلك إذا كانت الشمس في الجوزاء والسرطان؛ لأنها إذا كانت في هذين البرجين فإنها تنحدر عن سمت رؤوس أهل مكة، ويظهر الفيء في الشمال كثيرًا، وزوال الشمس هو ميلها عن وسط السماء إلى جهة الغرب.
وقوله: "حين كان كل شيء بقدر ظله" هذا من مقلوب الكلام لأن الأصل حين كان ظل كل شيء بقدره؛ وقد جاء في رواية أبي داود كذلك غير مقلوب فإنه قال: حين كان ظله مثله.
و"الهاء" في "ظله": راجعه إلى جبريل -عليه السلام.