"والفَلَاح": الفوز والنجاة والنقاء، أفلح يفلح إفلاحًا، والفَلَاحُ الاسم.

و"الجنة": البستان والعرب تسمِّي النخيل جنة، وأصله من الالتفاف وطول الشجر، قالوا: جن النبت: إذا طال والتف وخرج زهرهُ، ثم خُصَّ بهذا الاسم جنة الدار الآخرة فصار لها كالعلم، فإذا قيل: الجنة علم أنه لا يراد إلا تلك، فصار الاختصاص لها وكثرة إطلاقه عليها كأنه لا يجوز أن يطلق على غيرها؛ لأجل اللبس في المراد.

وقوله: "أفلح إن صدق ودخل الجنة إن صدق" قد جاء في هذا اللفظ بفعل ماض، وفلاحه دخوله الجنة، إنما يكون مستقبلًا ولا سيما دخول الجنة فإنما يقع بعد الموت، وفي بيان ذلك ثلاثة أقوال:-

أحدها: وهو المعتبر أنه جعله لخلوصه في نيته وصدقه في قوله، بمنزلة من قد دخلها، حتى كأنه قد رآه فيها أو داخلًا إليها فأخبر عنه، ثم إنه أعقبه بقوله: "إن صدق" حتى لا يتكل الناس في أمر كوني إلى ظاهر هذا اللفظ، وعلقه على الشرط المتأخر، ليعلموا أن سبب دخوله إنما هو صدقه فيما أخبر عنه، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - وإن علم منه ذلك؛ فإنه يعلم أن أصحابه لم يكونوا يعلمونه فعرفهم ماجهلوا وعلمه دونهم.

القول الثاني: أنه فعل ماض أريد به مستقبل، وقد جاز ذلك في الثاني: كما جاءوا بفعل مستقبل وأرادوا به الماضي؛ والأول كقول الهذلي:

تقول له كفيتك كل شيء ... أَهَمَّكَ ما تخطتني الحتوفُ

أي: أكفيك.

والثاني كقول زياد بن الأعجم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015