فقال: "أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا".
وأما النسائي: فأخرجه عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد، عن شعبة، بإسناد البخاري الأول ولفظه.
وفي الباب: عن جبير بن مطعم.
إنما قال ثلاثًا ولم ويعين من أي شيء هي، لأنه قال: "كان يغرف على رأسه"، فعلم أن الثلاث هي عدد المرات من الغرف، ولذلك حذف منها التاء, لأنه الغرفات وهي مؤنثة.
وقوله: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منك شعرًا" أي أنه مع كثرته كان يكتفي بثلاث غرفات، فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه.
وقد جاء في رواية "وأطيبهم بدنًا" أطيب هنا للمبالغة في الطهارة والنظافة، وأنه كان مع كثرته واكتفائه بالغرفات الثلاث وقلتها أنظف وأطهر؛ فعبر بالطيب عن ذلك.
وقوله في رواية مسلم الأخرى: "أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا" من أحسن الأجوبة وألطفها وأبلغها وأكفاها مع الزيادة التي فيها من تسهيل الأمر عليهم بالإقتداء به والاتباع لفعله، وإنه -مع كونه مشرعًا ومحتاطًا في أمور دينه أكثر من كل أحد من أمته- يكتفي بهذه الإفراغات الثلاث ولا يزيد عليها فما الظن بكم فأنتم المقتدون بي والسالكون طريقتي، والمهتدون بهديي.
قولهم بهذا الجواب أقل ما يجب عليهم في الغسل؛ وأن ذلك لا يضر مع برد البلاد لعلته حتى لا يظنوا لو قال لهم: يجب عليكم استيعاب الشعر والبشر غسلًا؛ أن الواجب عليهم الإكثار من الماء فكانوا يفعلونه فيتضرَّرون به لشدة البرد.