نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين". وهذا الحديث لو صح لكان القول به واجبًا، والضمير إليه لازما إلا أن أهل المعرفة بالحديث زعموا أنه حديث مقلوب، وهم فيه سليمان بن أرقم فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة فحمله عنه الزهري وأرسله عن أبي سلمة ولم يذكر فيه سليمان بن أرقم ولا يحيى بن أبي كثير، والحديث فيما قاله أحمد بن حنبل حديث ابن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن الزبير، عن أبيه، عن عمران بن حصين. ومحمد بن الزبير هو الحنظلي، وأبيه مجهول لا يعرف، فالحديث من طريق الزهري مقلوب، ومن هذا الطريق فيه رجل مجهول والاحتجاج به ساقط.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: ومن نذر نذرا في معصية لم يكن عليه قضاؤه ولا كفارة، وذلك أن يقول: لله علي إن شفى فلانًا أن أنحر ابني، أو أفعل كذا، من الأمر الذي لا يحل له أن يفعله.
قال: وإنما أبطل الله النذر في البحيرة والسائبة لأنها معصية؛ ولم يكن في ذلك كفارة وبذلك جاءت السنة، ثم ذكر حديث عائشة.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة وعبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن أبي قلابة، عن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم".
قال الشافعي -رضي الله عنه-: وكان في حديث عبد الوهاب بهذا الإسناد أن امرأة من الأنصار نذرت وقد هربت على ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القول، فأخذ ناقته ولم يأمرها بأن تنحر مثلها ولا تكفر.
قال: فبذلك نقول أن من نذر تبررًا أن ينحر مال غيره، فهذا نذر فيما لا يملك فالنذر ساقط عنه. والله أعلم.