بين القرب والبعد فيها، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "أنا فئة كل مسلم" وكان بالمدينة وكان المجاهدون بعيدا عنه، قالوا: لأن الآية عامة، ولأن العزيمة في الفرار أمر بين العبد وبين الله؛ ولا يمكن مخادعة الله في العزائم؛ فإذا ظهرت تلك العزيمة جاز له التوجه إليهم والالتجاء، وقد ذهب بعضهم: إلى أنه لا بد أن تكون الفئة في مسافة قصيرة؛ يمكنه الاستنجاد بمن فيها في هذا القتال وإتمامه.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: قال الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ} (?).

قال الشافعي -رضي الله عنه-: والتحرف للقتال الاستطراد إلى أن يمكن المستطرد الكرة في أي حال ما كان الإمكان والتحيز إلى الفئة أين كانت الفئة ببلاد العدو وبلاد الإسلام بعد ذلك أو قرب، وإنما يأثم بالتولية من لم ينو واحدًا من المعنيين.

وقد أخرج الشافعي في القديم أحاديث في كيفية بيعة الناس إمامهم ومقصوده منها هذه المسئلة، ونحن نذكر أسانيدها.

قال المزني: حدثنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت أن أباه أخبره، عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق لا نخاف في الله لومة لائم.

وقد أخرج الشافعي أيضًا: عن عبد الوهاب، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة , عن عبادة بن الصامت قال: أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستًا كما أخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015