يسمي الخمر: طلاء، يريد تحسين اسمها لا أنها الطلاء بعينها.
وقيل: إنما سمي هذا الشراب المطبوخ طلاء: تشبيها له بطلاء الإبل وهو القطران والكبريت وما يطلى به الإبل من الجرب، وقد قال عبيد بن الأبرص للمنذر حين أراد قتله:
هي الخمر تكنى الطلاء ... كما الذئب يكنى أبا جعدة
ضربه مثلًا أي: تظهر لي الإكرام وأنت تريد قتلي، كما أن الخمر وإن سميت طلاء حسن اسمها فإن فعلها قبيح، وكما أن الذئب وان كانت كنيته حسنة فإن عمله ليس بحسن.
وقوله: "كلا والله" أي ليس الأمر كما قلت وهذه كلا بمعنى "لا" وهي نافية، وفيها زيادة ردع وإنكار، وتحقيق النفي بخلاف لا وليس.
وهذا الشراب الذي ذكره أن يؤخذ عصير العنب وهو حلو غير مشتد ولا قاذف بزبد، فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وهو الندبس والرب المتخذ من العنب ولا خلاف أن ذلك حلال بين الناس لأنه طعام من الأطعمة، كما أن المعمول من التمر مثله ولم يقل أحد أنه حرام لأنه لا يسكر أبدًا.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب خرج عليهم فقال: إني [وجدت] (?) من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلاء، وأنا سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته، فجلده عمر الحد تامًا.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن السائب بن يزيد أن عمر ابن الخطاب خرج فصلى على جنازة فسمعه السائب يقول: إني وجدت من عبيد الله وأصحابه ريح شراب، وأنا سائل عما شربوا فإن كان مسكرًا