وقال أبو حنيفة: الأشربة على أربعة أضرب:-
أحدها: الخمر: وهو عصير العنب إذا اشتد وقذفت بالزبد؛ فهو حرام قليله وكثيره. وأسقط أبو يوسف ومحمد قذف بالزبد واشترط الاشتداد دون الغليان.
والثاني: المطبوخ من عصير العنب إن ذهب أقل من ثلثيه فهو حرام، وإن ذهب ثلثاه فهو حلال إلا ما أسكر منه، وإن طبخه عنبا ففيه روايتان:-
إحداهما: يجرى مجرى عصيره والمشهور أنه حلال وإن لم يذهب ثلثاه.
والثالث: نقيع التمر والزبيب إذا اشتد يكون حرامًا؟ وإذا طبخ حتى يشتد كان حلالًا إلا المسكر منها ولا يعتبر أن يذهب ثلثاه.
والرابع: أن تنبذ الحنطة والشعير والذرة والأرز والعسل ونحو ذلك فإنه حلال سواء كان نقيعًا أو مطبوخًا.
وقد اختلف العلماء في تسمية الأنبذة خمرًا: فقال جماعة -وهم الأكثر: الكل يسمى خمرا.
وقال غيرهم: لا يسمى خمرًا.
ومن قال بالأول جعل اسم الخمر في المعتصر من العنب حقيقة وفي الأنبذة مجازًا.
قال: وللشارع أن ينقل الأسماء ويتسع فيها, ولأنه إن كانت الخمر إنما سميت خمرا لأنها تخامر العقل أي: تخمره أي: تغطيه فإن الأنبذة كذلك مجاز أن يعطى اسمها المشتق من هذا الفعل حيث هو موجود فيها.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه أن أبا وهب الجيشاني سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع؟ فقال: "كل مسكر حرام".
هذا الحديث هكذا جاء في المسند من رواية سفيان مرسلًا لأن أبا وهب