ذكر السبب الذي هو طول العنق. وهذا حسن في مواقع الخطاب لأنه يجمع بين السبب والمسبب عنه. وكذلك: "طويل النجاد، وعظيم الرماد" يريد: طويل القيائمة وكثرة إضرام النار للضيفان وغيرهم.
وأمثال هذا في العربية وفصيح الكلام كثير، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمها في الآخرة" من هذا الباب، لأن الخمر إنما يشربها في الآخرة من دخل الجنة، فإنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار، والخمر من شراب أهل الجنة لقوله تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} (?)، {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} (?) وقوله: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (?) وشراب أهل النار: الحميم، فإذا لم يشرب الخمر في الآخرة لم يدخل الجنة؛ لأن شربها مترتب على دخول الجنة فكأنه قال: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها لم يدخل الجنة.
فذكر حرمانه إياها لاشتماله على حرمانه دخول الجنة.
ويجوز أن يكون المراد به: أنه لا يشربها في الآخرة عقوبة له على شربها في الدنيا مع عدم التوبة، فيكون قد حرم من نعيم الآخرة -ملاذ الجنة شرب خمرها- وإن دخلها. والله أعلم.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل شراب أسكر فهو حرام".
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع فقال: "كل شراب أسكر فهو حرام".