أحدهما: البراءة من دمه وغرامة ديته.

والثاني: البراءة منه في الدين والإبان على جهة التعظيم والإنكار لمقامه بينهم كقوله: "من شد علينا السلاح فليس منا".

وهذا ومثاله كثيرًا ما يجيء في ألفاظه - صلى الله عليه وسلم - ومقصده منها:

التفظيع والإكبار لشأن هذا الأمر حتى يجتنب، وأن الإنسان إذا علم أنه بمخالفته يتبرأ منه ترك ذلك، وفيه دليل على أنه إذا كان أسيرا في أيديهم وأمكنه الخلاص منهم لا يحل له المقام بينهم.

وقوله: "لا تراءى ناراهما" فيه وجوها من التأويل:-

أحدهما: أن الله -تعالى- قد فرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها، فجعل الرؤية للنار ولا رؤية لها، فإن معنى "تراءى: ناراهما" -ترى نار هذا نار ذاك وإنما الغرض أن تدنوا هذه، يقال: داري تنظر إلى دار فلان أي: تقابلها.

والثاني: أنه أراد الحرب تقول: هذه تدعوا إلى الله، وهذه تدعوا إلى الشيطان فكيف يتفقان؟ فكيف يساكنهم في بلادهم وهذه حال هؤلاء وهذه حال هؤلاء؟!.

والثالث: أن معناه: لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله والعرب تقول: ما نار إبل أي: ما سمتها ومن ذلك قولهم: نارها ما بخارها أي: بسيمتها تدل على كرمها وعتقها، ومنه قول الشاعر:

قد سقيت إبلهم بالنار ... والنار قد تشفي من الأوار

المعنى: أنهم يعرفون إبلهم بسيماتها التي يسمونها بها فيقدمونها في السقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015