قال أبو داود: هذا أصح من حديث ابن جريج: "أن ركانة طلق زوجته ثلاثًا" لأنهم أهل بيته وهم أعلم به، وحديث ابن جريج رواه عن بعض بني أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وأما الترمذي فأخرجه (?) عن هناد، عن قبيصة، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن سعيد، عن عبد الله بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: [يا] (?) رسول الله، إني طلقت امرأتي البتة. فقال: ما أردت بها؟ قلت: واحدة. قال: آلله؟ قلت: آلله. قال: فهو ما أردت".
قال الترمذي: هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه.
"البتة" من البت: القطع، تقول: بَتَّهُ يَبِتُّه ويَبُتُّه، وإذا فعل ذلك بته، ولا أفعله البتة تقال لكل أمر لا رجعة فيه، وهو منصوب على المصدر.
وقوله في رواية الترمذي: "آلله؟ فقلت: آلله" أي بالله ما أردت إلا واحدة؟ فقال: بالله ما أردت إلا واحدة. وحرف القسم قد يحذف من الاسم المتسم به، وفيه مذهبان: النصب بإيصال الفعل [المضمر] (?) إليه، تقول: آللهَ لأفعلن.
والجر بالحرف المحذوف، تقول: آللهِ لأفعلن، وهمزة الله في الحالين مفتوحة مقطوعة، وقد عوضوا من حرف القَسَم في اسم الله خاصة همزة الاستفهام، فقالوا: آلله لأفعلن، بالمد.
هذا الحديث يتضمن دلالتين:
إحداهما: جواز وقوع الطلاق الثلاث دفعة واحدة.