فئام من الناس، فأمرهما علي فبعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرِّقا أن تفرِّقا.

قال: قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي. فقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي: كذبت، والله حتى تقر بمثل ما أقرت به".

أخرج مالك هذا الحديث في "الموطأ" (?) مجملاً قال: إنه بلغه أن علي بن أبي طالب قال في الحكمين اللذين قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (?) أن إليهما الفرقة بينهما والاجتماع".

قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت من أهل العلم أن الحكمين يجوز قولهما بين الرجل والمرأة في الفرقة والاجتماع.

"الشقاق" الخلاف والنزاع، والمراد به: ما يقع بين الرجل وزوجته من الخلاف والنزاع في الأمور الخاصة بهما، وقوله تعالى: {شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} (2) أصله شقاقًا بينهما، فأضيف الشقاق إلى الظرف على سبيل الاتساع، والضمير في "بينهما" راجع إلى الزوج والزوجة، ولم يجر لهما في الآية ذكر حيث جرى ما يدل عليهما قبلها من ذكر الرجال والنساء.

و"الحَكَم" الحاكم، وإنما جعل الحكمين من أهلهما لأن الأقارب أعرف ببواطن أحوالهما من الأجانب, ولأن كل واحد من الزوجين يظهر إلى حكمه ما في نفسه من الحب والبغض ما لا يظهر إلى الأجانب.

و"الفئام" بالهمز الجماعة من الناس، لا واحد له من لفظه.

وقوله: "تدريان ما عليكما" بغير همزة استفهام جاز على الاتساع وكثرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015