الأيم أحق بنفسها منه، فدل ذلك على أن أمره أن تستأذن البكر في نفسها أمر اختيار لا فرض؛ لأنها لو كانت إذا كرهت لم يمكن [له] (?) تزويجها كانت كالثيب، وكان يشبه أن يكون الكلام فيها: أن كل امرأة أحق بنفسها من وليها فإذن الثيب الكلام والبكر الصمت، ويشبه أمره أن تستأذن البكر في نفسها أن يكون على استطابة نفسها؛ لأنه يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وأمروا النساء في بناتهن" (?).

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر نعيمًا أن يؤامر أم ابنته فيها".

وهذا الحديث مرسل، وهكذا أخرجه الشافعي في كتاب "أحكام القرآن" مؤكدًا لما سبق من قوله: إن استئمار البكر على سبيل استطابة نفسها.

قال: ولا يختلف الناس أن ليس لأمها فيها أمر، ولكن على معنى الاستطابة.

و"المؤامرة" مفاعلة من الأمر، أن يأخذ أمرها ويستأذنها.

وقوله: "أم ابنته" ولم يقل زوجته؛ لأن أم ابنته قد لا تكون يومئذ زوجته، ولأن الزوجة قد لا تكون أم ابنته، ولأن لفظ الحديث كذا جاء، وقد أخرجه البيهقي (?) بإسناده، عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن عمر: "أنه خطب ابنة نعيم ابن النحام ... " وذكر الحديث في ذهابه إليه مع زيد بن الخطاب، قال: فقال: "إن عندي ابن أخ لي يتيم ولم أكن لأنقص لحوم الناس وأترب لحمي.

قال: فقالت أمها من ناحية البيت: والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتحبس أمر بني عدي على ابن أخيك سفيه -أو قال: ضعيف- ثم خرجت حتى أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته الخبر، فدعا نعيمًا، فقص عليه كما قال لعبد الله بن عمر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنعيم: صل رحمك وارض ابنتك وأمها؛ فإن لهما في أمرهما نصيبًا".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015