كانت أو ثَيِّبًا، بَنَى عليها الأزواج أو لم يَبن.
يقال: تأيمت المرأة إذا لم تنكح بعد موت زوجها.
وقد ذهب فقهاء العراق في الأيم إلى ظاهر اللغة، فجعلوا الأيم عامًّا في الشيب والبكر، وجعلوا اللفظة الثانية وهي البكر مفردة بحكم، وداخلة مع الأولى في حكمها، وأبى الشافعي [وغيره] (?) من الفقهاء ذلك، وذهبوا إلى أن المراد بالأيم الثيب، وليس يحفظ عن الشافعي ولا يوجد في شيء من كتبه أن الأيم والثيب في اللغة عبارتان عن معنى واحد، فيجد العائب طريقًا إلى عَيْبِه، ولكنه ألطف الفكر، وتوصل إلى استخراج ما غمض على غيره، وذلك [أنه] (?) رأى الخبر تضمن الأيم والبكر، ووجد البكر معطوفًا على الأيم، وكان ظاهر الخطاب وحقيقة اللغة يقتضي تغاير المعطوف والمعطوف عليه، ومن الظاهر عند أهل اللسان أن الشيء لا يعطف على نفسه، هذا هو الأصل المُطَّرد، فإن وجد في الكلام ما يخرج عنه وأصيب فيه ما يخالف هذه القضية؛ فزائل عن الظاهر، تابع لدليله، كما يوجد عموم يُخَصّ، وأمر يُحْمَل على الندب، وخبر يراد به الأمر، فلا تترك له موضوعات الأصول، ولا يُعترض به على حقائق اللغة، وكما لا يعطف بالشيء على نفسه فكذلك لايعطف به على جملة هو بعضها؛ لأنه يكون معطوفًا به على نفسه، وعلى شيء آخر معه، ولو قال قائل من أهل اللغة ممن يوثق بسداده: جاءني عمرو وأكرمني أبو زيد؛ لوجب أن يكون أحدهما غير الآخر في مقتضى الظاهر.
وكذلك لو قال: وجدت عبد الله عاقلًا وأبا محمد فاضلاً؛ لكان المعقول منه تغايرهما، وإن أمكن أن يكون المسمَّى هو المكنَّى.
فلما تقرر عند الشافعي هذا الأصل، ووجد الأدلة تقوده إليه؛ فصل بين المعطوف والمعطوف عليه، فجعل الأَيِّمَ غير البكر، وليس غير البكر إلا الثيب،