قوله: "فَتَشَهَّدُ" يريد الخُطبة؛ لأنه لما كانت الخُطبة تشتمل على حمد الله تعالى والثناء عليه، والتشهد، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ سميت الخُطبة تشهدًا، تسمية للشيء ببعضه، كما قيل للتحيات: التشهد؛ لأن فيها تشهدًا، وقد جاء في بعض النسخ "فتشهد" بتاء واحدة، وفي بعضها بتاءين وهو الأصل، والحذف على التخفيف مع إرادة المحذوف.

و"عقدة النكاح" هي الإيجاب والقبول، تشبيهًا بالعُقدة في الحبل ونحوه؛ لأن بالإيجاب والقبول يلتئم الزوج مع الزوجة، فيجتمعان فيصيران كأنهما منعقدان أحدهما بالآخر.

وقد احتج بعض من نصر مذهبه بتزويج عمر بن أبي سلمة أمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير، وفي ذلك دلالة على سقوط احتجاجهم به في ولاية الابن، وليس فيه حجة على من اشترط الولي في النكاح؛ لأنه لو كان يجوز النكاح بغير ولي؛ لأشبهه أن توجب العقد هي، ولا تأمر به غيرها، فلما أمرت به غيرها بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها بذلك على ما رري في بعض الروايات؛ دَلَّ أنها لا تلي عقد النكاح.

وقول من زعم أنه كان صغيرًا دعوى، ولم يثبت صغره بإسناد صحيح.

وقول من زعم أنه زوجها بالبنوة مقابل لقول من قال بل زوجها بأنه كان من بني أعمامها, ولم يكن لها [ولي] (?) هو أقرب منه إليها؛ وذلك لأنه هو عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

فتزويجها كان بولي مع قول من زعم أن نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يفتقر إلى الولي.

وفي قصة تزويج زينب بنت جحش ونزول الآية فيها دلالة على صحة ذلك، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015