مبالغة.

قال الشافعي: يحتمل هذا الحديث معاني، منها: أن يقول: ليس لأحد أن يُعطى -بمعنى حاجة من أهل الصدقة أو بمعنى أنه من أهل الفيء الذين يغزون- إلا وله حق في مال الفيء أو الصدقة، وهذا كأنه أولى معانيه.

واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة: "لا حَظَّ فيها لغني ولا لذي مرة مكتسب".

وقيل: أراد به الفقراء والمحتاجين، كأنه قال: ما من أحد محتاج.

وقيل: أراد به أن مال بيت المال يكون فيه حق لجماعة المسلمين، فمنهم من يستحق الصدقة، ومنهم من يستحق الفيء، ومنهم من يستحق الخمس، فصرف إليه في مصالحه، قيل: أراد به العموم، فكأنه ما يُعْطَى المجاهدون فهو حق لهم ولغيرهم ممن يسقط عنه الفرض بجهادهم ويكفى شر العدو بهم، والصدقة تصرف إلى الفقراء فيكون فيها نفع الأغنياء لأنهم يكتفون بها عن الاضطرار إلى أموالهم.

قال: والذي أحفظ عن أهل العلم: أن الأعراب لا يعطون من الفيء، وأهل الفيء كانوا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعزل عن الصدقة، وأهل الصدقة كانوا بمعزل عن الفيء.

ورواه المزني عن ابن عباس.

وتفصيل المذهب: أن الأربعة الأخماس من الفيء تقسم على مستحقيها من الرجال البالغين الأحرار المقاتلة؛ لأن من ليس ببالغ ليس من أهل القتال، فيحضر فرسانهم ورجالتهم فيفرق ذلك عليهم بقدر كفايتهم، ويختلفون في مبلغ العطاء لاختلاف أسعار البلاد، ولا بأس أن يعطي الرجل منهم أكثر من كفايته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015