وقوله: "أيما رجل" أَيْ: أَيُّ رجل كائنا من كان.

وقوله: "فأدرك الرجل" ظاهر هذا اللفظ فيما جرت به عادة العربية أن الاسم إذا قيل نكرة ثم أعيد الاسم مَعْرِفَةً بالألف واللام؛ كان الثاني هو الأول وتكون اللام فيه لام العهد، تقول: قام رجل ثم تقول: فقال الرجل: كيت وكيت، فالرجل الثاني هو هو الأول، وهذا الرجل المذكور في الحديث ليس هو الرجل المبدوء بذكره؛ لأن الأول هو الذي أفلس، والثاني هو صاحب المتاع الذي أخذه منه المفلس.

وقوله: "أدرك ماله بعينه" يريد أنه باق بحاله؛ فهو أحق به من غيره.

والمفلس في الشرع اسم لمن عليه ديون لا يفي ماله بها, ولمن يُمنع من التصرف في ماله لهذا السبب إلا من الشيء القليل الذي يضطر إليه.

قال الشافعي: وبحديث مالك وعبد الوهاب، عن يحيى بن سعيد، وحديث ابن أبي ذئب عن أبي المعتمر في التفليس نأخذ.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن المفلس تتعلق به أحكام:

الأول: تعلق المدين بعين ماله.

والثاني: أن يُمنع من التصرف في ماله، وإذا تصرف لم يُنفذ تصرفه.

والثالث: أن كل من وجد من غرمائه عين ماله عنده كان أحق به من غرمائه.

وإن مات هذا المفلس قبل أن يحجر الحاكم عليه؛ ثبتت هذه الأحكام الثلاثة، وبه قال علي وعثمان وأبو هريرة وعروة بن الزبير وأحمد وإسحاق ومالك، إلا أنه خالف في الميت.

وقال أبو حنيفة: ليس للحاكم أن يحجر عليه، فإن أدى اجتهاده إلى الحجر عليه ثبت الحجر وليس له التصرف في ماله، إلا أن المبيع الذي في يده يكون أسوة الغرماء، وليس للبائع الرجوع فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015