الماء يزيل العين والأثر، فحل محل المحسوس المشاهد ولم يحتج فيه إلى الاستظهار بالعدد، والحجر لا يزيل الأثر إنما يفيد الطهارة من طريق الاجتهاد، فصار العدد من شرطه استظهارًا كالعدة بالأقراء؛ لما كانت دلالتها من جهة الطهور والغلبة على سبيل الاجتهاد؛ شرط فيها العدد وإن كانت براءة الرحم قد تكون بالقرء الواحد.

وقد أجاز الشافعي أن يستنجى بحجر له ثلاثة أحرف، بثلاث مسحات متفاصلة، وأقام ذلك مقام ثلاثة أحجار.

ومذهبه في تأويل الخبر: أن معنى الحجر أَوْفَي من اسمه، وكل كلام كان معناه أَوْفَى من اسمه وأوسع فالحكم للمعنى، الاستنجاء غير واقع بجميع الحجر بل ببعضه، فأبعاض الحجر كأبعاض الأحجار.

وأما نهيه عن الاستنجاء بالروث، فلأن الروث نجس؛ والمراد من الاستنجاء: التطهير، فما ليس بطاهر كيف يطهر نجسًا؛!

وأما العظم فإنه يدخل فيه كل عظم، ذَكِيٍّ أو ميتة حملًا على عموم اللفظ، وإنما نهى عنه؛ لأنه لزج أملس لا يكاد لملاسته يقلع النجاسة، وينشف البلة بل يبسطها وينشرها.

وقيل: إن العظم لا يكاد يَعْرَى من بقية دسم قد علق به، وقد جاء في بعض الحديث (?) "إن الروث علف دواب الجن، والعظم طعامهم" وهذا النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث؛ نهي تحريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015