ولا يريد به أنه في نص القرآن ولفظه، وأن جعل الولاء للمعتِق مما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكتبه على أمته، وما سنه النبي وفرضه فهو مما سنه الله وفرضه، فلهذا الكلام إذن محملان:
أحدهما: أن يريد بكتاب الله القرآن، فيكون قد أضاف ما فرضه النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنه إلى كتاب الله؛ لأنه بأمره ووحيه، وما ينطق عن الهوى، فتكون إضافته إلى كتاب الله تعالى على هذا التقدير.
والثاني: أنه يريد بكتاب الله فرضه، وما كتبه كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ} (?) {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (?).
وقوله: "ما بال رجال" أي ما شأنهم وأمرهم وحالهم.
وقوله: "قضاءُ الله أحق" أي فرضه وما قضى به على العباد ألزم وأوجب.
و"أحق" أفعل، من حقَّ الشيء يَحِقُّ إذا صار حقًّا لازمًا.
وقوله: "وشرطه أوثق" أي ما اشترط من أحكامه في كتابه وعلى لسان نبيه أحكم وأثبت، وهو من الوثاق؛ الشَد.
وفي هذا الحديث أحكام؛ منها: جواز الكتابة، وتنجيمها, وبيع المكاتب، وبيع نجومه، والشرط في البيع، ونقض شرط لا يلزم، وأن الولاء للمعتق وأما الكتابة وأحكامها فسترد في بابها.
فإن قيل: كيف أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تشترط لهم الولاء وهو شرط فاسد؟
فالجواب: أنه أمرهأ بالشرط قبل العقد أو بعده لا في حال العقد، وذلك لا يقدح في العقد، وفي ذلك من المثوبة بتحصيل العتق للأمة ما يحمل على أمثاله.