والسنة يريد بها: أحكام الشرع من جائزاته ومحظوراته.
وأراد -علي بقوله هذا- ردًا على اعتراض عمر، وجاء به على نحوٍ من سؤال عمر، فضمنه إنكارًا وتوبيخًا أعظم مما تضمنه السؤال، كأنه قال: إن كنت استغربت لبس هذه الثياب المضرجة؛ فإننا أعرف بالسنة من غيرنا ما يحتاج أن يعرفنا ذلك أحد ولا يظن أن ذلك يقع، إلا أنه -كرم الله وجهه- لما كان غرضه هذا المعنى؛ وكان فيه من خشونة الخطاب ما لا خفاء به، وكان منزلة عمر (رضي الله عنه) عنده عظيمة يفترض تعظيمها؛ عدل عن كاف الخطاب إلى الغيبة ولم يواجه عمر بذلك، فقال: "ما أظن أحدا يعلمنا السنة"، ولذلك سكت عمر لما سمع كلامه فإنه كان وقافًا عند الحق (رضي الله عنه) ثم إنه قال: "ما إخال" بلفظ الواحد، "ويعلمنا" بلفظ الجمع وذلك أنه نسب الفعل إلى نفسه لأمرين:-
أحدهما: أنه كان في هذا المقام دون أهله وجماعته، لا سيما مثل عبد الله ابن جعفر على صغره، فقال: "ما أظن أحدا" فله أن يقول ذلك لأنه بمكانة أن يقوله.
والثاني: أنه إنما يخبر عن نفسه، وليس له أن يخبر عن غيره أنه لا يظن ما يظنه هو، فإن الإنسان قد يظن شيئًا وغيره لا يظنه.
وأما قوله: "يعلمنا" فخرج على لفظ الجمع لأنه عارف بها من وجهين:-
أحدهما: أنه من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، وأن علمهم علم لدني لا تعليمي (?).