والإحرام الطويل، ومحظوراته والوقوف بعرفات، ومزدلفة، والمشعر الحرام، والنحر، والمبيت بمنى، وغير ذلك من الأعمال التي ليست في العمرة، فإن المعتمرين -ولا سيما الحجاج- لا يطول زمان إحرامهم أكثر من ساعة من نهار، ثم يكفيه الطواف والسعي والتقصير.
وأما قوله: "والعمرة تطوع" فلا يريد بها أنها نافلة، وإنما يريد بالتطوع ما تنطاع له النفس وتنقاد إليه، ويسهل عليها مباشرته لخفة أعماله وقلة مشقتها.
والذي ذهب إليه الشافعي في الجديد: أن العمرة واجبة كالحج.
وبه قال ابن عباس، وابن عمر، وإليه ذهب ابن المسيب، وابن جبير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن، وابن سيرين، والشعبي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
وقال في القديم: ليست بواجبة. وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأبو ثور، وروى ذلك عن ابن مسعود.
وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا ابن عيينة قال: سمعت الزهري يحدث عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس أن امرأةً من خثعم سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن فريضة الله في الحج على عباده، أَدْرَكتْ أبي شيخًا كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على راحلته، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم". قال سفيان: هكذا حفظته من الزهري.
وأخبرني عمرو بن دينار، عن الزهري، عن سليمان بن يسار (?) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله وزاد فيه: فقالت: يا رسول الله، فهل ينفعه ذلك؟. قال: "نعم. كما لو كان عليه دين فقضيته نفعه".