الجبل".
وأما مسلم (?): فأخرجه عن قتيبة، عن ليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة، فتربوا في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله".
وأما الترمذي (?)، والنسائي (?): فأخرجاه بإسناد مسلم ولفظة "من" في قوله: "ما من عبد" زائدة تفيد استغراقًا فإن قولك: "ما من عبد" أعم من قولك: "ما عبد"، وقد تقدم هذا المعنى مبسوطًا.
والطيب: يريد به المال الذي يعلم أصله وفرعه وجهة مكسبه وكيف تحصيله، وأن ذلك جار على الوجه الشرعي العاري من أنواع الحيل وصروف التحليلات، أو المشرب بالحرام أو المكروه، وأموال الشبه لا يقبلها الله، لأنها ليست مالاً لمن هي في يده على سبيل الغصب، ولذلك أراد بقوله: "ولا يصعد إلى السماء إلا الطيب" لأن السماء محل القبول ومصعد الملائكة، ومظان الإجابة.
ويريد بالصعود: صعود الملائكة بالصدقة التي يتصدق بها الإنسان، وهم الملائكة الكرام الكاتبون المرتبون لحفظ أعمال بني آدم.
ويد الرحمن لا يجوز حملها على ظاهرها، فإن لفظ اليد موضوع بإزاء الجارحة المخصوصة، ويتعال ويتقدس عن التشبيه والتجسيم علوًا كبيرًا، فإنما يريد بيد بالرحمن هاهنا: لطفه ورأفته، فإن اليد وإن كانت في أصل الوضع بإزاء الجارحة فإن لها انتقالات ومجازات، وقد وردت هي وغيرها من الأسماء