والماء الفاضل من المتوضئ والمغتسل، لا يخلو من أحد قسمين:
أحدهما: ما فضل عن أعضاء المحدث، بعد مروره عليها رافعًا للحدث.
والثاني: ما بقي منه في الإناء، أو في الأرض بعد الفراغ.
فالأول: هو الماء المستعمل في رفع الحدث، فلا يستعمل فيه مرة أخرى، وقد سبق القول فيه.
والثاني: يكون باقيًا على طهوريته الأصلية، ويجوز استعماله في رفع الحدث، وإزالة النجس, وبهذا قال أكثر العلماء.
وحكي عن أحمد بن حنبل أنه قال: لا يجوز أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة، إذا خَلَتْ بِهِ.
وروي عنه أيضًا: أنه يكره.
وحكاه ابن المنذر عن إسحاق بن راهويه، وعن الحسن البصري، وسعيد بن المسيب. وكان ابن عمر: لا يكره فضل وضوء المرأة إلا أن تكون جنبًا أو حائضًا، قال: إذا خلت به فلا تقربه.
وحكي عن أبي يوسف أنه قال: إذا أدخل الجنب أو الحائض يده في الماء، لم يفسد، وإن أدخل رجله فسد، قال: لأن الجنب نجس، وإنما عفي عن يده لأجل الحاجة والضرورة.
وقد أخرج الشافعي، عن مالك، عن ابن عمر، أنه كان يقول: لا بأس أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، ما لم تكن حائضًا أوجنبًا.
قال الشافعي: أما تركه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل وعائشة من إناء واحد،