كذلك فإن أبا حذيفة قد روى عن جماعة لم يسمع منهم محمد بن كثير منهم إبراهيم بن طهمان وشبل بن عباد وعكرمة بن عمار وغيرهم من أكابر الشيوخ. حدثنا أبو الحسين عبد الرحمن بن نصر المصري الأصم ببغداد قال: حدثنا أبو عمرو بن خزيمة البصري بمصر قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا أبي عن ثمامة عن أنس قال: كان قيس بن سعد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرط من الأمير، يعني ينظر في أموره، وحدثنا جماعة من مشايخنا عن أبي بكر محمد بن إسحاق قال: حدثني أبو عمرو محمد بن خزيمة البصري بمصر وكان ثقة فذكر الحديث بنحوه.
قال أبو عبد الله: وهذا الحديث شاذ بمرة فإن رواته ثقات وليس له أصل عن أنس ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر" (?).
قلت: ويظهر بجلاء منهج الحاكم في عد تفرد الثقة شذوذاً، إذ عد حديث أنس: " كان منزلة قيس بن سعد ... "، شاذاً وهو مخرج في صحيح البخاري (?)، قال الحافظ ابن حجر: "والحاكم موافق على صحته إلا أنه يسميه شاذاً، ولا مشاحة في الاصطلاح " (?)
أقول: ويؤيد ما استنتجه منه علماء المصطلح من أنه أراد به تفرد الثقة مطلقاً؛ صنيعه في أمكنة أخرى، منها ما ذكره في كتابه المدخل إلى الإكليل، والأمثلة التي مثل بها، وكذلك بعض الأحاديث التي أعلها في المستدرك.
ففي كتابه المدخل إلى الإكليل ذكر أقسام الحديث الصحيح المتفق عليه، وفي (القسم الرابع من الصحيح المتفق عليه) قال: " هذه الأحاديث الأفراد والغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات، وليس لها طرق مخرجة في الكتب ... " (?).
ثم ضرب لهذا القسم أمثلة منها: حديث اتفق على إخراجه الشيخان وهو حديث عائشة رضي الله عنها في سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - (?)، ثم قال الحاكم عقبه: " هذا الحديث مخرج في