فاقتضت الدراسة أن يكون هذا الباب على فصلين.
أولهما: استقرأت فيه صنيعهم من كتب الرواية واخترنا أبرز مصنفاتهم: كالموطأ للإمام مالك ابن أنس، وصحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، وسنن أبي داود، وجامع الترمذي، وسنن النسائي، وصحيح ابن خزيمة.
أما في الفصل الثاني: فقد استقرأت صنيعهم في كتب العلل واخترنا أبرز كتب العلل: ككتاب علل ابن أبي حاتم، وعلل الترمذي، والتمييز للإمام مسلم، واخترنا من كتب المتأخرين أبرز كتاب في العلل وهو كتاب علل الحديث للإمام الدارقطني.
ومما يجدر التنبيه عليه أننا أولينا مفهوم زيادة الثقة اهتماماً أكثر من الشاذ والمنكر وذلك لما حصل فيه من الخلط ولما له من صلة وطيدة بينه وبين الشذوذ والنكارة، ولما رأينا من صنيع بعض المعاصرين من تصحيح مئات الأحاديث الشاذة والمنكرة بحجة أنها زيادة ثقة والزيادة من الثقة مقبولة، كما فعل الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في كتابه " سلسلة الأحاديث الصحيحة " حيث صحح على هذه القاعدة عشرات الأحاديث الضعيفة مما أخطأ فيه الرواة. والحق أنّ أسّ دراستنا هذه تتعلق بهذا الموضوع الخطير، فنحن حينما فصلّنا القول في هذا الباب ليس لكونه مبحثاً أو قضية تتعلق بزيادة الثقة حسب، ولكنه يتصل في حقيقته اتصالاً وثيقاً بالشذوذ والنكارة أيضاً.
وأخيراً أقول: من خلال دراستي في هذا الموضوع استفدت فوائد عظيمة، إذ قد اطلعت على كتب ومصنفات شتى، يعلم الله بعَدَدَها وعُدَدِها، وعرفت علماً بعد جهل، أن الأئمة المتقدمين هبة الله لهذه الأمة حفظ بهم الدين؛ قال الخطيب في كفايته:" ولولا عناية أصحاب الحديث بضبط السنن وجمعها واستنباطها من معادنها والنظر في طرقها لبطلت الشريعة وتعطلت أحكامها إذ كانت مستخرجة من الآثار المحفوظة ومستفادة من
السنن المنقولة " (?)،وتبين لي أن بعض المتأخرين ولا سيما المعاصرين نأوا بعيداً عن منهج الأئمة المتقدمين، وكل التناقضات التي يتهم المغرضون بها الحديث وأهله هو جريرة هذا البعد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم -.