ثانياً: إن كانت هذه الزيادة حسنة فلماذا لم يخرجها أحد من أصحاب دواوين الإسلام حتى الإمام أحمد في مسنده بل لم نقف عليها عند أحد من أهل العلم، وهذا معناه إنها غير محفوظة، إذ لو كانت محفوظة لذكرت في الكتب التي تجمع الأحاديث: صحيحها وضعيفها.
ثالثاً: إن البرقاني قد أعله بسند ذكر أنه لا يعرف إلا به وهو من رواية أبي عمر القاضي عن محمد الصغاني عن معلى بن منصور عنه به.
وهكذا فلم أقف على مثال واحد يقبل فيه الإمام الدارقطني زيادة الثقة - بمفهوم المتأخرين - خلا هذه الأحاديث التي ناقشناها وبيّنا أنه لم يقبل فيها الزيادة بمفهوم المتأخرين.
ولو افترضنا أنَّ أحد الباحثين وقف على مثال أو مثالين يقبل فيهما الزيادة فإنه بالتأكيد لم يقبلهما على قاعدة قبول الزيادة من الثقة، بل لقرائن وقرت في نفسه إذ كتابه العلل مليء بالأحاديث المعلولة بتفرد الثقة عن الثقات، ومن يتتبع كتابه "التتبع"على الشيخين يجده في مواضع كثيرة يعلّ المتصل بالمرسل والموصول بالموقوف، ويحاكم الشيخين على هذا الأساس، وكذلك فعل في كتابه العظيم "العلل"،وسأذكر بعض الأمثلة التي تبين ذلك:-
1 - حديث 2/ 159 (187):"وسئل عن حديث سعيد بن المسيب عن عمر:" في تكبيرات الجنازة، قال: كل ذلك قد كان أربع وخمس فأمر الناس بأربع "،فقال: رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد حدث به النضر بن محمد عنه، ولفظه: قال عمر:"كبرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعاً وخمساً فأمر عمر بأربع يعني، تكبير العيد والجنائز"،تفرد بهذا اللفظ النضر بن محمد عن شعبة وبقوله يعني
العيدين والجنائز، وذِكْرُ العيدين وهمٌ فيه، ورواه غندر وأبو النضر ويحيى القطان وعلي بن الجعد عن شعبة بهذا الإسناد ولفظه ما ذكرناه أولاً ولم يذكروا تكبير العيد وهو الصواب".
فهنا رواه "غندر، وأبو النضر، ويحيى القطان (?)،وعلي بن الجعد (?) ".
كلهم عن شعبة بالإسناد نفسه وبلفظ متقارب.