باب القسامة

[فصل

تجب في الموضحة فصاعدا إن طلبها الوارث ولو نساء ولا يستبد الطالب بالدية] .

قوله: "تجب في الموضحة فصاعدا" الخ.

أقول: القسامة قد ثبتت في هذه الشريعة في الجملة ولا ينكر ذلك منكر ولا يدفعه دافع وقد أخذ بها الجمهور وعملوا عليها وهي شرع مستقل لا يضرها مخالفتها لبعض ما قد تقرر اعتباره على جهة العموم فإن بناء العام على الخاص واجب وقد قال قوم من السلف إنها غير ثابتة مع اعترافهم بورودها ووقوعها في زمن النبوة وفي أيام الخلفاء الراشدين والقائلون بأنها غير ثابتة هم أبو قلابة وسالم بن عبد الله والحكم بن عتيبة وقتادة وسليمان بن يسار وإبراهيم بن علية ومسلم بن خالد وعمر بن عبد العزيز ومن أهل البيت الناصر وعدلوا على مجرد الاستبعاد لثبوتها مع اشتمالها على أحكام تخالف ما هو المتقرر في غالب الأبواب.

وعندي أنه لا وجه لهذا الاستبعاد ولا مقتضى للجزم بعدم ثبوتها لأن النبي صلى الله عليه وسلم: "أقرها على ما كانت عليه في الجاهلية"، كما في صحيح مسلم "7/1670"، وغيره النسائي "8/2، 4"، وكانت أول قسامة وقعت في الجاهلية القسامة التي ادعاها أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم على فخذ من أفخاذ قريش والقصة مستوفاة في صحيح البخاري وغيره وفيها أن أبا طالب قال للذي اتهم بقتل الفتى من بني هاشم اختر منا إحدى ثلاث إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا وإن شئت حلف خمسون من قومك إنك لم تقتله فإن أبيت قتلناك به فأتى قومه فأخبروهم فقالوا نحلف فاقسامة المشروعة هي هذه التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم وهي أن يدفع المتهمون بالقتل الدية أو يحلفوا ولا دية عليهم.

وأما ما ثبت في الصحيحين [البخاري "6898"، مسلم ط1669"، وغيرهما أبو داود "4520"، الترمذي "1422"، النسائي "8/5، 6، 7"، ابنماجة "2677"] ، في قصة عبد الله بن سهل الذي قتلته يهود خيبر وأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على ورثته أنهم يحلفون ويستحقون فقالوا: كيف نحلف ولم نشهد؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينا" فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015