وذكر بعض أهل الأصول في حقيقة السبب أنه ما يؤثر وجوده في وجود المسبب ولا يؤثر عدمه في عدمه.
قوله: "وطهارة البدن من حدث ونجس ممكن الإزالة".
أقول: قد عرفناك ان الشرط هو ما يؤثر عدمه في عدم المشروط ولا يؤثر وجوده في وجوده فلا يثبت إلا بدليل يدل على أن المشروط يعدم بعدمه وذلك أما بعبارة مفيدة لنفي الذات والصحة مثل أن تقول لا صلاة لمن لا يفعل كذا أو لمن فعل كذا أو تقول لا تقبل صلاة من فعل كذا أو من لا يفعل كذا ولا تصلح صلاة من فعل كذا أو من لم يفعل كذا وأما مجرد الأوامر فغاية ما يدل عليه الوجوب والواجب ما يستحق فاعله الثواب بفعله والعقاب بتركه وذلك لا يستلزم أن يكون ذلك الواجب شرطا بل يكون التارك له آثما وأما أنه يلزم من عدمه العدم فلا.
وهكذا يصح الاستدلال على الشرطية بالنهي الذي يدل على الفساد المرادف للبطلان إذا كان النهي عن ذلك الشيء لذاته أو لجزئه لا لأمر خارج عنه.
إذا عرفت هذا علمت أن طهارة البدن من الحدثين شرط الصلاة لوجود الدليل المفيد للشرطية وأما طهارته من النجس فإن وجد دليل يدل على أنه لا صلاة لمن صلى وفي بدنه نجاسة أو لا تقبل صلاة من صلى وفي بدنه نجاسة أو وجد نهى لمن في بدنه نجاسة أن يقرب الصلاة وكان ذلك النهي يدل على الفساد المرادف للبطلان صح الاستدلال بذلك على كون طهارة البدن عن النجاسة شرطا لصحة الصلاة وإلا فلا وليس في المقام ما يدل على ذلك فإن حديث الأمر بالإستنزاه من البول وأن عامة عذاب القبر منه ليس فيه إلا الدلالة على وجوب الاستنزاه فيكون المصلي مع وجود النجاسة في بدنه آثما ولا تبطل صلاته.
قوله: "الثاني ستر جميع العورة".
أقول: الأدلة الصحيحة قد دلت على وجوب ستر العورة في الصلاة وفي غيرها ولكن هذا الدليل الدال على الوجوب لا يدل على الشرطية كما عرفناك وأما ما ورد من "أن الله لا يقبل صلاة حائض إلا بخمار" [أبو دأود "641"، الترمذي "377"، أحمد "6/150، 218، 259"، ابن ماجة"655"] ، ونحوه قد عورض بما ورد من نفي قبول صلاة شارب الخمر وصلاة الآبق مع أنها تصح صلاتهما ولا وجه لهذه المعارضة لأن نفي القبول يستلزم نفي الصحة فإن ورد دليل يدل على صحة صلاة من ورد الدليل بأن الله لا يقبل صلاته كان ذلك مخصصا له فيكون نفي القبول في حقه مجازا عن عدم توفير الثواب.
قوله: "وهي من الرجل ومن لم ينفذ عتقه الركبة إلي تحت السرة".
أقول: العورة ينبغي الرجوع في تحقيقها وتقديرها إلي ما ورد في الشرع فإن ثبت ذلك في الشرع وجب تقديمه والرجوع إليه لأن الحقيقة الشرعية مقدمة على غيرها.
وإن لم تثبت في ذلك حقيقة شرعية وجب الرجوع إلي معناها وتقديرها عند أهل اللغة